الحمدلله؛...فكثير من معالم الدين وتعاليم الشريعة معلومة للسواد الأعظم من الناس لكنهم في شوق وتلهف لرؤيتها واقعا عمليا مشاهد في حياة دعاة الهداية وحملة الرسالة ليدركوا صدق مطابقتها للواقع وموافقتها لمستجدات الأحداث، فتطمئن بذلك قلوبهم ويكتمل يقينهم وتزدادوا حبا لها وتمسكا بها ، فإن من أسباب نجاح الأنبياء وتأثر الناس بهم والاستجابه لهم نزولهم إلى أرض الواقع وتطبيقهم للمبادي التي جاءوا بها وقناعتهم بما يقولون وتحملهم المشاق والصعاب في سبيل إيصال أفكارهم وإبلاغ رسالتهم يقول أحدهم (ماأريد أن أأخالفكم إلى ماأنهاكم عنه).
فعايش الناس تعاليم الدين الحنيف على هيئة صورا حية ونماذج عملية، وشاهدوا رسوم الشريعة الغراء صافية نقية بعيدا عن التنظير الذي لاوجود له في واقع الحياة، وكان صلى الله عليه وسلم يحرص عند توجيه أصحابه بأمر أو نهي أن يبدأ بنفسه ويؤكده بفعله أو تركه فمن ذلك مثلا في الجوانب الاجتماعية يقول(خيركم خيركم لآهله وأنا خيركم لآهلي) وفي العبادة يقول(فعلت ذلك لتعلموا صلاتي فصلوا كما رأيتموني أصلي).
وحين قدم له طعام وهو متكيء جلس وقال (إني لاأكل متكئا) وعندما مد إليه النساء أيديهن لمبايعته قبض يده وقال(إني لاأصافح النساء) ، وقد روى الصحابة رضي الله عنهم مئات الأحاديث التي تبدأ بقول أحدهم(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل كذا وكذا) مستدلين بما رأوا قدوتهم يفعله على صحة تصرفات وقعت منهم، وماذلك إلا لما للفعل من أثر أقوى وأسرع من القول المجرد، فإن موقف عملي وتصرف واحد يغني عن عشرات المقالات والكلمات ويبطلها ، وكم من العادات والقاليد انتشرت بسبب فعل الناس لها مع أنهم قد لايفقهون معناها ولايدركون مقصدها وكثير من ألآحكام الشرعية يطبقها الناس وهم لايعرفون الدليل عليها وماذاك إلا لأنهم ربما شاهدوا من يفتدى به يفعلونها.
وفي المقابل مما يسقط قيمة الشخص أيا كان ويجعله ممقوتا عند الله وبين الخلق الإختلاف الشاسع بين قوله وفعله والتباين بين تنظيره وواقعه، وقد ذكرهم الله في كتابه في ذاما لهم ولسوء فعلهم بقوله(لم تقولون مالاتفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالاتفعلون) ، ووصفهم بعدم العقل (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلاتعقلون) وأخبر صلى الله عليه الصلاة والسلام أن عقوبة الذي يأمر الناس بالمعروف ولايأتيه وينهاهم عن المنكر ويأتيه في الآخرة أن تندلق أمعائه في النار فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى!
وأشد من أولئك من يجادل بالباطل ليستحل الحرام ويستبيح المنكرات بأدنى الشبه، ويتخوض في حدود الله بحجج واهية، اتباعا للهوى وطاعة للنفس الأمارة بالسوء ومسايرة للواقغ، ...
فهل يدرك من مالت به الأهواء فتردى بعد الهدى الذي كان عليه،وغوى بعد الرشاد الذي كان يدعوا إليه، أن الدنيا -بكل لذائذها- لاتغني عن الآخرة شيئا. .؟!!
وهل يتنبه من اغتر بهم واستدل بفعلهم أنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا، فالاثم ماحاك في صدرك وإن أفتاك الناس وأفتوك! فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام,,,,